من محاربة الفقر إلى العمل اللائق، ومن القضاء على العنف إلى مكافحة تغير المناخ، تناقش لجنة وضع المرأة في دورتها التاسعة والستين قضايا تضع المرأة في صميم الاهتمام وتمهد الطريق لحياة تليق بنساء العالم.
اليوم الاثنين، وبحضور آلاف المشاركين من جميع أنحاء العالم، بدأت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك فعاليات لجنة وضع المرأة في دورتها التاسعة والستين حتى 21 آذار/مارس.
وتصادف لجنة وضع المرأة هذا العام مع الاحتفال بالذكرى الثلاثين لإعلان ومنهاج عمل بيجين، الذي وضع خارطة طريق لتمكين المرأة. وستركز مناقشات الدورة على استعراض وتقييم تنفيذ إعلان بيجين.
وسيشمل استعراض هذا العام أيضا تقييما للتحديات الحالية التي تؤثر على تنفيذ منهاج بيجين وتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، ومساهمته في التحقيق الكامل لخطة التنمية المستدامة لعام 2030.
“رحلة صوتية عبر تمكين المرأة”
إنطلقت الدورة التاسعة والستين للجنة وضع المرأة في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
UN Photo/Manuel Elías
مندوب المملكة العربية السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد العزيز الواصل – الذي تترأس بلاده الدورة التاسعة والستين للجنة وضع المرأة – افتتح الجلسة بالإشارة إلى الجلسات وحوارات النقاش المتعددة التي تحفل بها دورة هذا العام.
وفي مستهل الجلسة الافتتاحية، استمتع الحضور بعرض موسيقي مستوحى من إعلان بيجين تم إعداده خصيصا لهذا اليوم بعنوان: “رحلة صوتية عبر تمكين المرأة”. احتوى العرض على عزف على آلفة الفلوت قدمته مغنية الأوبرا السعودية المشهورة ريماز العقبي وصاحب العرض مشاهد مصورة تم إعدادها خصيصا لهذا اليوم.
وبعد العرض الموسيقي، استمع الحضور إلى كلمات من ثلاث نساء وشابات متميزات، من دول مختلفة، قدمن تجاربهن المباشرة بشأن التحديات التي تواجهها النساء والفتيات في مجتمعاتهن المحلية ومدى قدرتهن على الصمود وتولي زمام القيادة.
ومن بين هؤلاء النساء، الشابة السعودية جنى سليمان الريفي طالبة الهندسة الكهربائية والباحثة والمبتكرة. قالت جنى إن العالم، وخلال العقود الأخيرة، فتح أعينه على دور النساء والفتيات واللواتي أصبحت لهن فرصة كبيرة للمشاركة والقيادة في مجالات كانت حكرا على الرجال خاصة في العلوم والتكنولوجيا والهندسة.
وأضافت قائلة: “أقف أمامكم شاهدة على دعم أسرتي وبلدي وأصحاب المصلحة من حول العالم الذين عملوا جاهدين لدعم شابات مثلي. أنا خير دليل على أن الدعم يمكن النساء من تحقيق أحلامهن”.
حقوق المرأة تحت الحصار
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وخلال حديثه في الجلسة الافتتاحية قال إننا نجتمع اليوم والعالم يحيي ذكرى مرور ثلاثين عاما على اجتماع الدول في بيجين، حيث أكدت على أن حقوق المرأة هي حقوق إنسان ووعدت “بالمساواة والتنمية والسلام لجميع النساء، في كل مكان”.
وأضاف قائلا: “بالطبع، كنا نعلم دائما أن ذلك لن يحدث بين عشية وضحاها – أو حتى خلال سنوات. المساواة للجميع هي مهمة طويلة الأمد. ولكن بعد ثلاثة عقود، يبدو هذا الوعد أبعد مما كنا نتخيل”.
وقال الأمين العام إن المساواة للنساء والفتيات هي حق من حقوق الإنسان “وهي مسألة عدالة، وهي أساس التنمية المستدامة والسلام الدائم، إنها ضرورية للإنسانية”.
ونبه غوتيريش إلى أن حقوق المرأة تحت الحصار، مشيرا إلى أن سمّ النظام الذكوري قد عاد محملا بالانتقام. لكن الأمين العام قال إن هناك ترياقا لهذا السم وهو العمل، مشيرا إلى أن الوقت قد حان لمن يهتمون بالمساواة للنساء والفتيات أن يقفوا ويتحدثوا. وأضاف: “حان الوقت للعالم لتسريع التقدم والوفاء بوعد بيجين”.
وبرغم التحديات، يشير الأمين العام إلى أن العالم شهد تقدما في مجالات عديدة خلال الثلاثين عاما الماضية من بينها تعزيز تعليم الفتيات، وخفض معدل وفيات الأمهات، وزيادة الحماية القانونية.
الأمين العام أنطونيو غوتيريش يفتتح الدورة التاسعة والستين للجنة وضع المرأة (CSW69).
UN Photo/Manuel Elías
لكن الأمين العام قال إن الفجوات الهائلة لا تزال قائمة، “فالأهوال القديمة مثل العنف والتمييز وعدم المساواة الاقتصادية متفشية. لا تزال فجوة الأجور بين الجنسين تبلغ عشرين بالمائة.على الصعيد العالمي، تعرضت واحدة من كل ثلاث نساء تقريبا للعنف. والعنف الجنسي المروع في النزاعات يحدث من هايتي إلى السودان. في العديد من البلدان، لا تزال النساء والفتيات محرومات من أبسط الحقوق”.
أربع خطوات لتسريع العمل
وفي هذه الأوقات التي تتسم بالخطورة لحقوق المرأة، دعا الأمين العام إلى تجديد الالتزام بإعلان بيجين والوقوف بحزم كي نجعل وعد الحقوق والمساواة والتمكين حقيقة واقعة لكل امرأة وفتاة حول العالم. ودعا إلى تسريع التقدم من خلال أربع خطوات:
أولا، تعزيز التمويل المستدام للتنمية المستدامة – لتوفير تمويل مستدام للمساواة بين المرأة والرجل. وقال إن مـيثاق المستقبل، الذي تم الاتفاق عليه العام الماضي، يرسم خطوات جريئة إلى الأمام.
ثانيا، تكثيف الدعم للمنظمات النسائية. إنها تلعب دورا حيويا في المساءلة – في دفع التقدم، والدفاع عن الحقوق، وضمان سماع أصوات النساء والفتيات – ومصالحهن.
ثالثا، اتخاذ إجراءات بشأن التكنولوجيا. يلتزم الـميثاق الرقمي العالمي باتخاذ إجراءات من أجل النساء والفتيات لتشجيع قيادتهن ولتصحيح البيانات المتحيزة جنسيا.
رابعا، ضمان المشاركة الكاملة والمتساوية والفعالة للمرأة في بناء السلام.
أخيرا، اتخاذ إجراءات لضمان مشاركة المرأة بشكل كامل ومتساو وفعال وقيادتها في صنع القرار – على كافة المستويات وفي جميع مناحي الحياة.