بيروت-( أخبار منظمة العمل الدولية) – يشكّل الإطار الاقتصادي الكلي الذي يعزز القضايا الاجتماعية والعمالية، والاستفادة من فرص التقدم التكنولوجي مع التخفيف من الآثار الخارجية السلبية المحتملة، مفتاحاً لتحقيق تنمية أكثر استدامة وعقد اجتماعي متجدد لاقتصادات الدول العربية، وذلك وفقاً لاستنتاجات مؤتمر إقليمي استمر يومين حول العقد الاجتماعي الجديد.
وشكل هذا المؤتمر الذي نظمه مكتب منظمة العمل الدولية للأنشطة العمالية (ACTRAV)، منبراً للحوار وتبادل الآراء ووضع الاستراتيجيات حول دور الشركاء الاجتماعيين في صياغة وتنفيذ عقد اجتماعي متجدد.
وناقش المشاركون من مختلف بلدان المنطقة العربية إخفاقات العقد الاجتماعي الحالي، مع التركيز على سياسات الاقتصاد الكلي والتقدم التكنولوجي كمحركات رئيسية للتحول. كما شددوا على أهمية الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية في ضمان ترجمة التنمية الاقتصادية إلى تحسين مستويات المعيشة للجميع.
إن إدراج أولويات العمالة والأولويات الاجتماعية في صنع السياسات الاقتصادية على الصعيدين الوطني والعالمي على حد سواء، هو جانب حاسم لاستدامة العقد الاجتماعي الجديد وفعاليته، لا سيما في سياق الاقتصادات غير المنظّمة الكبيرة في العديد من بلدان منطقة الدول العربية. ولدى صياغة عقد اجتماعي متجدد، نحتاج إلى ضمان ألا تؤدي التغيرات التحويلية السريعة، بما في ذلك تسارع التقدم التكنولوجي، إلى تقويض حقوق الإنسان وحقوق العمل.
ماريا ايلينا اندريه، مديرة مكتب منظمة العمل الدولية للأنشطة العمالية (ACTRAV)
هذا الحدث هو جزء من سلسلة من المناقشات الإقليمية التي ينظمها مكتب منظمة العمل الدولية للأنشطة العمالية (ACTRAV) حول العالم لإعداد مساهمات النقابات العمالية في النقاش القادم في القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في عام 2025.
حول العقد الاجتماعي الجديد
يمر العالم بتحول كبير، مدفوعًا بتغير أنماط العولمة والتغير التكنولوجي السريع والأزمة المناخية المستمرة. تؤثر هذه التغيرات بشكل عميق على عالم العمل، مما يهدد التنمية الاقتصادية المستدامة والتماسك الاجتماعي في العديد من البلدان. وقد شكّل هذا الأمر تحديًا لقدرة العديد من الحكومات على توفير ما يكفي لشعوبها والوفاء بعقدها الاجتماعي، نظرًا لأن الأطر التنظيمية والإصلاحات الهيكلية والسياسات العامة الأخرى لا تواكب في كثير من الأحيان التغيرات في عالم العمل.
يبرز مفهوم” العقد الاجتماعي الجديد“ كإطار لإعادة تعريف العلاقات بين الدولة والمجتمع. فهو يوفر فرصة لتقييم العقد الاجتماعي القائم بين الدولة وشعبها، وتقييم ما إذا كان من ناحية يتكيف مع التغيرات التي طرأت على التحولات من جهة، ومن ناحية أخرى شامل بما يكفي ليطال الجميع، لا سيما أولئك الذين يعيشون في أوضاع هشة.
وبالتالي، ينبغي أن يهدف هذا ”العقد الاجتماعي الجديد“ إلى ضمان التقدم الاجتماعي والعدالة والشمولية في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية. ومن المتصور أنه ينبغي أن يشدد على الدور الحاسم لسوق العمل في المواءمة بين الأولويات الاقتصادية والاجتماعية والتوظيف لضمان استفادة الجميع من التنمية الاقتصادية من خلال العمل اللائق والحماية الاجتماعية.